عم إنه شاب يستهزئ بالأذان مع مجموعة من الشباب , هذا ماجرى حقيقة كما روته كتب التاريخ , و إنه مما يزيد الأمر عجبا أنهم كانوا يستهزؤون بالأذان عندما كان مؤذن الإسلام بلال رضي الله عنه يؤذن للصلاة , كل هذا على مسمع النبي صلى الله عليه وسلم , ولكن هل سيمر الأمر هكذا دون عقوبة ودون حساب , تعالوا لنستمع لقصة هذا الشاب كما رواها هو عن نفسه , لنعرف النهاية التي وصل إليها يقول :
لما خـــرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مـــن حنــين خرجت عاشر عشرة من أهل مكة نطلبهم فسمعناهم يؤذنون بالصلاة فقمنا نؤذن نستهزئ بهم ( يقلدون صوت بلال غليظا ) ، فسمعهم النبي صلى الله عليه وسلم , ( ولكن النبي عليه السلام تنبه لأمر هام عنما سمع استهزاءهم , فأمر أن يمثل هؤلاء الشباب بين يديه , ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت، فأرسل إلينا ( ولعلهم ظنوا أن النبي سيقتلهم ) , فأذنا رجلاً رجلاً وكنت آخرهم ، فقال حين أذنت تعال , فأجلسني بين يديه فمسح على ناصيتي وبرَّك عليَّ ثلاث مرات، ثم قال: اذهب فأذِّن عند البيت الحرام، قلت: كيف يا رسول الله؟ فعلَّمني كما تؤذنون الآن به. فأصبح هذا الشاب مؤذن الرسول في مكة كما كان بلال مؤذنه في المدينة , و أمره أن يؤذن لأهل مكة و كان عمره 16 عامًا . و قد بقي يؤذن بمكة إلى أن توفي سنة تسع وخمسين .
نعم هذه هي نهايته , هي نهاية جميلة , ولعلكم ظننتم أنها ستكون غير ذلك ؟ ولكن رحمة الله وعنايته به جعلته يتصرف هذا التصرف الشائن بين يدي النبي الرحيم الحكيم عليه السلام , الذي استطاع بحكمة وذكاء , أن ينقله من مستهزئ بشعائر الدين إلى داعية يذكر الناس بالصلاة ويقول لهم : حي على الفلاح , لقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم من وراء ركام السخرية والاستهزاء في شخصية هذا الشاب تلك الموهبة الرائعة وهي الصوت الجميل الندي الطيب , فكان الحديث عن موهبته هو المفتاح الذي دخل فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى نفس هذا الشاب , فنقله من ذل المعصية إلى عز الطاعة . ( لم يكن الهم الأكبر كيف أعاقبه بل كيف أساعده ) .
والسؤال الآن :
كم من إنسان صاحب مواهب مستهزئ بالدين كان يمكن أن يتحول لداعية خير كهذا الشاب فخسرته الدعوة الإسلامية , لأنه ما صادف مربيا حكيما يأخذ بيده إلى الخير ؟ , بل لعله ازداد في استهزائه وسخريته , فهلا تعلمنا من الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم كيف نجلب الناس إلى ربهم .
بعد هذا الكلام , لعلكم تتوقون إلى معرفة اسم هذا الشاب , إنه الصحابي الجليل أبو محذورة رضي الله عنه .
أعزّ الله الاسلام بأشخاص قادرين على الدعوة للإسلام بالطريق الصحيح
فهو ترغيب وليس ترهيب